
إنّ تمكن الشرطة من استعادة سجلات المحكومين ، يعد إنجازاً ونصراً كبيراً في ميدان آخر من ميادين الحرب.. ففي خضمّ التحوّلات العاصفة التي عاشها السودان منذ اندلاع حرب الكرامة، برزت خطوة وطنية بالغة الأهمية أعلنتها الشرطة السودانية مؤخراً وهي استرداد قاعدة بيانات السجناء الذين أطلقت سراحهم مليشيا آل دقلو بعد اقتحام السجون في بدايات الحرب.
فهذه الخطوة بشرى حقيقية لأهل السودان، ورسالة طمأنينة مفادها إن الدولة بدأت تُعيد ما انقطع، وتسترجع خيوط الأمن التي تم العبث بها خلال شهور الفوضى.لقد أثبتت التجربة أن كثيرًا من مظاهر الانفلات وارتفاع معدلات الجريمة خلال الحرب كانت مرتبطة بشكل مباشر بخروج مجموعات من أخطر المحكومين، ممن كانت السجون تحاصر سلوكهم وتجمد خطرهم. لذا فإن استعادة بياناتهم يعتبر خطوة أمنية استراتيجية تعيد للدولة القدرة على المتابعة، والرصد، والملاحقة القانونية.
اسباب عدة تجعل من الخطوة انتصارًا فمنها :
1. إعادة السيطرة على ملف أمني حساس
بمعرفة الهوية الكاملة للمفرج عنهم، وسجلاتهم، ومستوى خطورتهم، وهذا يمكّن الشرطة من إعادة هيكلة خططها الأمنية، ووضع قوائم المتابعة والبلاغات المفتوحة.
2. تجفيف منابع الجريمة المحتملة..فبعودة البيانات، تستعيد الدولة القدرة على تتبع أي نشاط مخالف قد يعود لهؤلاء الأفراد، داخل البلاد أو خارجها، ومن ثم تقديمهم لعدالة سريعة وعادلة.
3. طمأنة المجتمع وتعزيز الثقة في مؤسسات الأمنية فالإعلان عن استرداد المعلومات خطوة يجب أن تُنشر على أوسع نطاق لأنها تُعيد للمواطن إحساسه بأن الأجهزة المختصة تعمل وتستعيد زمام المبادرة.
4. بداية لمسار أمني أكبر
فاستعادة البيانات ليست النهاية ، بل تمهيد لحملة وطنية شاملة لتعقّب الهاربين، وإغلاق الملف الذي حاولت الفوضى فتحه بالقوة.
أيضا تقع على عاتق الشرطة السودانية مسؤولية مضاعفة في هذه المرحلة الحساسة، وتشمل:
– التعريف الواسع للمواطنين بأهمية هذه الخطوة؛ فالوعي المجتمعي ركيزة للأمن.
– تنسيق الجهود مع النيابات والشرطة الدولية لتعقب المطلوبين خارج السودان.
– تنظيم حملات ضبط دقيقة ومدروسة بعيدًا عن الفوضى أو العشوائية.
– تأكيد مبدأ سيادة القانون الذي لا يُستثنى منه أحد.
إنّ استرداد بيانات السجناء هو استعادة لواحدة من أهم أدوات الدولة في فرض الأمن. وهو أيضًا رسالة بأن السودان، مهما اشتدت عليه المحن، قادر على إعادة بناء مؤسساته، وتصحيح المسار، وتثبيت مبدأ العدالة.ففي هذه المرحلة الفاصلة، تبدو هذه الخطوة نقطة تحول يجب البناء عليها، لإغلاق واحد من أخطر الملفات التي خلّفتها الحرب، واستعادة الطمأنينة للمجتمع، وترسيخ دولة القانون التي ينشدها كل سوداني.
_Elhakeem.1973@gmail.com



