
مشروع الجزيرة الذي أنشأه المستعمر تم استرداد كل الأموال التي صرفت على إنشاء المشروع بدءاً من خزان سنار والقنوات والترع الفرعية والمكاتب والآليات والسكة حديد وأصبحت كل أصول مشروع الجزيرة دفعها المزارع من عائد القطن وظل المشروع يرفد خزينة البلاد بالعملة الأجنبية منذ استقلال البلاد وظلت البلاد تعتمد عليه في توفير العملة من عائد القطن طويل التيلة وبعد حصار البلاد في التسعينيات أصبحت الدولة تعتمد على مشروع الجزيرة لتوفير الأمن الغذائي لمحصول القمح حيث ظلت الدولة تقوم سنوياً قبل بداية الموسم الشتوي بالتحضير للموسم الشتوي
حيث كان نائب رئيس الجمهورية يتولى ملف التحضير للموسم الشتوي ويحضر لولاية الجزيرة برفقة وفد يضم وزير الدولة بوزارة المالية وممثل لبنك السودان ومدير البنك الزراعي ووكيل وزارة الري ووزير الزراعة وبعض جهات الاختصاص بعقد اجتماع مع قيادات المزارعين للتشاور في مساحات مستهدفة وإعلان السعر التركيزي الذي يعتبر السعر الذي سوف تلتزم الدولة بشراء المحصول من المزارعين واستمر الحال هذا حتى العام 2020م
حيث أعلنت الحكومة بعد ذلك سياسة التحرير لسعر الخبز وخرجت الدولة من شراء محصول القمح من المزارعين حتى العام الماضي حيث قامت الدولة بتحديد السعر التركيز ولم تلتزم بشراء المحصول من المزارعين مما أدخل المزارعين في خسارات كبيرة حيث عجزت إدارة مشروع الجزيرة لفترة طويلة في سداد استحقاقات المزارعين الذين قاموا بزراعة التقاوي حيث تدنى سعر الجوال إلى خمسة عشر ألف جنيه.
ساقنا لذلك تسجيل صوتي لمحافظ مشروع الجزيرة في أحد قروبات المزارعين يتحدث بلغة سياسية للأسف الشديد بدل حديثه كمرشد زراعي وقائد للمزارعين وأن حديث المحافظ بلغة سياسية سوف يجر المشروع للصراع السياسي وظل المحافظ منذ تعيينه في حالة خلاف حتى مع رئيس مجلس الإدارة الذي تقدم باستقالته وأصبح المحافظ يدير المشروع بدون مجلس إدارة علماً بأن مشروع الجزيرة منذ أنشائه ظل يدار عبر مجلس الإدارة ويضم ممثلي المزارعين في اتخاذ القرار باعتبارهم أصحاب مصلحة حقيقية
وأن الحديث عن رهن الأصول الذي كان عام 2017م كان وقتها الدولة تلتزم بشراء المحصول من المزارعين حسب السعر التركيزي المعلن ولكن ما حدث في الموسم الماضي بعدم شراء الدولة المحصول أدخل المزارعين في خسارات وإذا استمر ذلك سوف يشكل خطر على أصول مشروع الجزيرة ولكن للأسف الشديد بأن محافظ مشروع الجزيرة لم يكن صادقاً في تسجيله الصوتي حيث قال أن الحكومة في 2017م ماكانت تقوم بتمويل المزارعين ولكن للحقيقة بأن الدولة كانت تهتم بالموسم الشتوي بإشراف نائب رئيس الجمهورية ويعد اجتماع سنوياً بولاية الجزيرة مع جهات الاختصاص والمزارعين يتم تحديد المساحات المستهدفة والسعر التركيزي الذي تلتزم به الدولة وكان ذلك حتى عام 2019م علماً بأن قانون مشروع الجزيرة تم تعديله عام 2015م وأصبحت ولاية الجزيرة لديها 50% في إدارة المشروع
وبناء على ذلك أصبح والي الجزيرة هو رئيس مناوب لمجلس إدارة مشروع الجزيرة وتم تكوين لجنة عليا بالإشراف على الموسم الشتوي برئاسة والي الجزيرة وتضم محافظ مشروع الجزيرة ووكيل وزارة الري ومدير البنك الزراعي ووزير الزراعة وبعض جهات الاختصاص كما تم تكوين لجان على مستوى المحليات كل ذلك بهدف إنجاح الموسم الشتوي وقامت الدولة بإنشاء صوامع لتخزين القمح حرصاً منها في تقليل التالف وتمزيق فاتورة الخيش ولكن حديث محافظ مشروع الجزيرة عن رهن الأصول دون التزام الدولة بشراء المحصول بعد السعر التركيزي
يعرض أصول المشروع لخطر وحسناً تدخل محافظ بنك السودان ورفض رهن الأصول وأن سياسة التحرير المعلنة من قبل الدولة متعارضة مع شراء المحصول إذا كان محافظ مشروع الجزيرة قام بإجراء ضمانات بشراء المحصول من بعض الشركات وجهات أخرى وقتها ممكن أن يكون المحافظ يسعى لرهن أصول المشروع وأن أصول المشروع هي ملكاً للمزارعين ولهم الحق في رفض رهن الأصول ومحافظ المشروع قام في الفترة الماضية بزيارات لدول خارجية
وذلك بغرض عقد اتفاقات مع بعض الشركات ولم يجني مشروع الجزيرة منها ثمرة تلك الزيارات التي كانت خصماً على مال المزارع الذي يدفعه كرسوم للإدارة.
ونسبة لما يحدث بمشروع الجزيرة يحتاج لتدخل عاجل من مجلس السيادة بتشكيل مجلس إدارة لمشروع الجزيرة ويلبي طموحات المزارعين وأهدافهم وتكليف محافظ جديد دون الإنتماء السياسي ودون لغة سياسية بأن المزارع يحتاج من الذي يرشده على التقانات من أجل زيادة الإنتاج والإنتاجية وليس بالنقاش السياسي الذي لم يفيد ولم يقدم المشروع
ويعلم المحافظ بأن المزارعين هم أصحاب القرار الأول والأخير داخل المشروع ويهدفون لزيادة الإنتاج والإنتاجية وأن الدولة محتاجة اليوم قبل الغد لمشروع الجزيرة كركيزة اقتصادية للبلاد وهذا ممكن إذا تضافرت الجهود وخلصت النوايا وقويت العزائم والله يهدي السبيل وهو المستعان.
(ولنا عودة)